Saturday, 31 October 2015

الأريكة الخضراء

جاء اليوم المُنتظر , لطالما وثقت في حدسها حدّ الجنون 
لطالما أخبرها قلبها كل شئ بدون أن تسأل هي 
بكاء مستمر غير مبرر لثلاثة أيام قبل هذا اللقاء 
وهي تسأل نفسها كل يوم " ما الذي يحدث؟" 
إنتظرت هذا اليوم كثيرًا و عندما إقترب نبأها قلبها بما لايسر
في طريقها إليه إنتبهت لأغنيتها المفضلة لأم كلثوم "أنت عمري"من إختيار السائق الضاحك المُسن
فلم تمنع ثغرها من الإبتسام أملةً في أن تجري الامور كما يتمني قلبها و لكن .. هيهات
"كافيه"من  إختيارها , لماذا إختارته ؟ لا تعلم ربما لأنها أحضرت أمها إليه من قبل
 ف تركت فيه بعضًا من الآمان الذي تفتقده هي
إهتمت بأصغر تفاصيلها , ليس لأنها في طريقها إليه و لكن هذه عادتها التي تحبها
"شوكولاتية كبيرة" كما وعدته .. و هل هناك أجمل من الشوكولاتة ليُهدي
زفَت إليه خبر وصولها فخرج ليستقبلها و إنتفض قلبها و هي تري عينه تتأمل كل ما فيها بسرعة البرق
جلس هو و إستأذنت هي لتتاكد ان " التفاصيل الصغيرة بخير و كما هي " 
ظلّ يلّح عليها "ها سنة بقي ولا ايه ؟" فتتسع ضحكتها حتي عادت إليه 
إختياره للمكان الذي تجلس فيه جعلها تشعر بشئ من التوتر 
أريكة خضراء زادت من توترها , جعلها تجلس الي داخل بجانب الحائط 
و إلتفت هو إليها تاركًا العالم بآسره وراء ظهره , لفتت جلسته إنتباهها وإنتباه المارة جميعًا
بعد أن تأمل تفاصيلها بسذاجة طفل يسرق الحلوي بدون أخذ إحتياطه 
مد يده إليها هامسًا " سلمّي عليّا" بالرغم من انهما تصافحا في بداية اللقاء
رفقًا بها أيها الأدرينالين اللعين, صافحته مرة اخري و نبض قلبها يدوي في جنبات المكان
يسمع نبض قلبها المتسارع كل من في المكان .. إلا هو 
تجاذبا أطراف الحديث حتي بدأ الحديث الأهم 
لم تتفاجئ من المنوال الذي صارت عليه الأمور , ف حدس قلبها اللعين اخبرها بهذا كله
أنصتت بدون ان تنظر إليه عيناها زائغتان في المكان و هو يحكي عن تلك الفتاة
يحكي عن جرحه و عنها و عن كل التفاصيل التي لم تكن تريد أن تعرف عنها شيئًا
تأملت كل الوجوه و زوايا المكان موّشحةً بوجهها عنه , ظن هو أنها غير منتبهة ولا مبالية لحديثه 
و لكنه لا يعلم أنها فقط تتحاشي النظر إلي عينيه
 حتي لا تري شغفًا أثناء حديثه عن تلك الفتاة التي أصبحت ألدّ أعدائها منذ لحظة ذكر إسمها 
و علي غير عادتها سريعة الغضب و لكنها تحوّلت امامه لكتلة من الثلج
فكيف لأنثي مثلها تعتز بكبريائها أن تظهر له لحظة خيبة أمل واحدة فتعيش باقي عمرها منكسة االرأس
تعمّدت رفض أوامره و تحكمّاته بعد كل ما حكي علي غير عادتها المطيعة لمن تحب 
و لكنها لم تنفذ حرفًا واحدًا مما طلب سواءًا كان بدافع غريزة الرجل الشرقي المُسيّر 
أو بدافع مُحبٍ لازال متأرجحًا بين جرحٍ  قارب ان يطيب و بين جُرحٍ أوشك علي النزيف
إستفز كل ما فيها بحديثه و آلمه الذي لم يحاول إخفائه عنها 
و إستفزت كل ما فيه بهدوئها الذي فقدته أثناء مغادرة هذا المكان 
قبل أن يشب حريق قلبها في كل ما حولها
لم تعد تتمكن من المحافظة علي توازنها و صورتها امامه اكثر من هذا
سارعت بالخروج خلفه من الباب الذي دخلت منه ضاحكة و خرجت تحترق داخلاً
"-مالك؟
-الدنيا حر جدًا"
درجة حرارة معتدلة و لكن الحريق بداخلها هو الذي لا يهدأ ولا ينطفئ
بكت شعورها بالإنهزام أمام نفسها  بكت قسوة هذا اليوم بكل ما فيه
كعادته راسلها برقم سيارة التاكسي فزاد غضبها
و كأنها توّد لو تصرخ في وجهه كُف عن محاصرتي
كُف عن  محاولاتك أن تكون آمانًا و حماية ً
كُف عن الإقتراب مما تجهل و الإنجذاب لطريقٍ لا يعرف أيًا منا آخره
كُف عن الإهتمام الغير مبرر و الخوف الزائد عن الحدّ 
رفقًا بقلبها .. فلست وحدك من تألم و لست وحدك من ترك الحب يدفعه دفعًا إلي ما لا يريد
تودُ لو تمحي هذا اليوم من ذاكرتها  و تعود ليوم لقائه
 فلا تضحك له هذه الضحكة التي أعلنت عن حربٍ دامية جديدة علي أرضها