Thursday, 17 April 2014

آخرُ ليالى الشتاء

كان حبًا مُرهقًا من النوع الذى لا يفنى بسب طول فترات الغياب المتقطعة و الشجارات الكثيرة
-أو على الأقل كان كذلك بالنسبةِ لىّ-
حبًا عنيدًا مثلى تمامًا , و صدقًا ظننتُ أننى لن أملٌّ أبدًا من كثرة المحاولات و أن قلبى لن ييأس من مداواةِ ما يفسدهُ هو
و لكن ها أنا الآن أكتبُ من شدةِ اليأس , تباعدت المسافات بيننا بقدر حُب كلانا للبحارِ و أمواجها
و هذا السد الذى بُنىّ بأحجار القسوةِ و الغيابِ بيننا أصبح شاهقَا حدّ السماء
أرغمنى قلبى على البقاء مرارًا فتجاهلتُ الجروح تارة و داويتها بنفسى تارة آخرى حتى نفاذ الصبر و الحيلة
وحتى أرغمنى قلبى على الرحيل تمامًا كما أرغمنى اول الأمر , فيما يتعلقُ بك لم أملُك يومًا الإختيار.
كانت الأحلامُ وروداً و بساتينًا و حلمتُ كثيرًا ان هذا الأمير على  الحصان الأبيض سيحوّل أحلامى حقيقة
و لكن إنتهى بىّ المطاف فى إحدى زوايا حجرتى فى الرابعة فجراً أتسائل لماذا حتى لا ينصتُ لىّ
مرهقةً تلك الأحلام التى تحملنا بعيدًا لتلقى بنّا من إرتفاعٍ أعلى فتكون السقطةُ الواحدة بألف
ربما بقيتُ طويلاً و لكن قلبى قد إنسحب قبلى من هذة الحرب الخاسرة حاملاً ما تبقى منه و منّى
أنا هى تلك الفتاة التى احبت " أحمقًا بعيدًا " فلم يكن يومًا قريبًا ولم يكن يومًا سوى احمق
لطالما إستخف بعباراتى و حديثى و لطاما كنتُ صادقةً , هذا الصدق الذى يقتلع كل ما يقابلهُ ليكون حق الصدق
كنتُ أكتُب و اكتُب و أكتُب ولا أتلقى سوى " تمّت رؤية الرسالة "حتى تيقنتُ أننى اكتُب للشخص الخطأ
أكتُب لمن لا يقرأ , أكتُب لمن يجهل ان الجميع يتسائلون من هو سعيد الحظ هذا التى تكتبُ فى عشقه كثيرًا؟
و كان الجميع يعلمُ أنه سعيد الحظ هذا .. إلا هو , أتذكرهن جميعًاو كيف لىّ أن أنسى من ساهمن فى تشكيل تلك الندوب بداخلى
قُبلةُ هنا و غزلُ هناك و ألف عشقتُك و شقراءُ تقاسمنى عيناك و سمراءُ تشاطرنى حُبك
أُهينت أنوثتى حقّ الإهانة و حاولتُ مراراً أن أتجاوز عن تلك النزواتِ و أتجاهلُ يداك التى إلتفت حول خصرها ذلك الشتاء
و لكنك جاوزت كل الحدود و انا لا انسى لا لقسوتى ولكن لأنك حتى لا تكلف نفسُك عناء إرضائى , فحقًا أتذكرهن جميعًا
كل يومٍ مر علىّ فى غيابُك طاب جرحُ و إقتلعت القسوة إحدى ذكرياتنا كما تقتلع رياح الخريف الزهور الذابلة
وقفتُ فى منتصفِ الطريق طويلاً منهكةُ زاهدة لا أقوى على الرجوعِ , تظاهرتُ كثيرًا إلى أن إقتنعتُ بكل تلك الأكاذيب
و فهمتُ أخيرًا ما الذى جعل الحنين لا يمسُ قلب فيروز مجددًا , إنها القسوة التى تغرسُ مخالبها فى أرواحٍ نال منها الهوى

أكتبُ اليوم و لكننى لن أتلقى " تمّت رؤية الرسالة " بالرغم من انها آخر رسائلى إليك و لكننى لا انتظرُ ردًا هذة المرة آخرُ رسالة لأُذكرك كم كنت قاسيًا حنونًا معهن جميعًا إلا انا .. كم كنت تهتمُ لأمر الغرباء و تهملُ من سمحت لك أن تقف بينها و بين الله
و لأُذكرك اننى يومًا أخبرتُك " بأن رحيلى بلا مقدماتٍ أو حتى وداع يعنى أننى لن اعود أبدًا " و انا بالفعل رحلتُ مع آخرُ ليالى الشتاء
فزهرةُ مثلى لا يليقُ بها سوى ان تستقبلُ الربيع راقصةً ضاحكة .. و انت دئمًا تُبكينى .

"حبيبي ما عاد يلمسنى الحنين"